حاتم المليكي: “المشاورات مع قيادات “النهضة” لا تعنينا
البيان أونلاين-لطفي الماكني: بيّن حاتم المليكي النائب بالبرلمان والقيادي بحزب قلب تونس في الحديث الذي خص به “البيان أونلاين” المطلوب توفره لنجاح مشاورات تشكيل الحكومة والإصلاحات المفترض القيام بها لتجاوز الوضعية الصعبة التي تعيشها البلاد.. كما توقف المليكي في ذات الحديث عند موقف الحزب من المشاركة في تشكيل الحكومة والتحالفات المترتبة عن ذلك والكيفية التي ستشكل بها الخارطة السياسية استنادا الى مواقف الاحزاب من مسار المشاورات الجارية حاليا من قبل رئيس الحكومة المكلف.
كيف تقبلتم تصريحات قيادات النهضة من أن حزب قلب تونس غير معني بتشكيل الحكومة؟
يجب التأكيد ان حزب قلب تونس هو حزب مسؤول يتعامل مع المؤسسات الرسمية وكذلك الهياكل الرسمية للأحزاب، لذلك فان علاقاتنا بعد تفويض السيد الحبيب الجملي تصبح معه مباشرة. وحسب المعطيات الاولوية فقد عبّر عن عزمه الدخول في مشاورات مع كل الاطراف السياسية دون استثناء، وحالما وجه إلينا دعوة للتشاور استجبنا لذلك وفق رؤية تفرض التعاطي مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فان موقفنا من المشاركة في تشكيل الحكومة سيكون بعد التشاور مع المكتب السياسي والكتلة البرلمانية، اذ ان موقفنا لا يتعلق بالدخول في الحكومة او التواجد في المعارضة فقط، بل كذلك بضرورة معرفة التوجهات القادمة للحكومة والأولويات المطلوبة (وهذا ما حصل في اللقاء الذي جمع قيادة حزب قلب تونس مع الحبيب الجملي خلال الاسبوع الماضي في اطار سلسلة المشاورات مع الاحزاب وهو يمثل لقاء اوليّا للاطلاع على الاراء والتصورات).
كيف تفاعلتم مع ترشيح «النهضة» للحبيب الجملي لتشكيل الحكومة؟
كنا عبرنا في اخر لقاء تشاوري مع النهضة حول تشكيل الحكومة عن رغبتنا في ان تولى شخصية مستقلة لهذه المسؤولية على أن تكون على نفس المسافة من الاحزاب السياسية، وتكون لها مرجعية اقتصادية ، مع احترامنا لحق النهضة في تفويض الشخصية التي تناسبها لإجراء المشاورات حول تشكيل الحكومة، وهذا موقفنا المبدئي بغض النظر عن الاشخاص.
ردود الافعال الاولية لم تنظر بعين الرضى لهذا الترشيح آلا ترى ان ذلك قد يعيق مهمة المشاورات مع الاحزاب؟
هذا هو بالضبط السبب الذي جعلنا نطالب في وقت سابق بأن تقود مشاورات تشكيل الحكومة شخصية مستقلة ومشهود لها بالكفاءة، بما يعزز حظوظ نجاحها في تلك المشاورات، ويوفر للحكومة الجديدة الحزام السياسي الواسع، وبما يمكنها من القيام بالإصلاحات الضرورية في مرحلة قادمة، خاصة وان هذه الاصلاحات مرتبطة مباشرة بتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومثلها اوضاع المالية العمومية، اضافة الى تحسين شروط التفاوض مع الجهات الخارجية، سواء في ما يتعلق بالدعم المباشر او جلب الاستثمارات ونحن نتفهم ردود افعال السياسيين حول هذا الترشيح ونأمل ان تكون المشاورات ذات نتيجة ايجابية سواء كنا من بين الاطراف الداعمة للحكومة او المعارضة لها.
هل بإمكان الحبيب الجملي ممارسة صلاحياته في اختيار اعضاء الحكومة دون الرجوع الى شيخ النهضة؟
كانت لدينا بعض التخوفات لطبيعة العلاقة بين رئيس الحكومة المكلف وحزب حركة النهضة في ما يخص درجة الاستقلالية ليس فقط في اختيار الفريق الحكومي ولكن في تحديد الاولويات وضبط السياسات وإجراء التعيينات في مختلف المناصب العليا في الدولة والتعاطي مع الأحزاب السياسية بما ينعكس على اداء الحكومة ومدى استجابتها لمتطلبات المرحلة الحالية الصعبة والدقيقة وانتظارات المواطنين العاجلة والملحة.
لماذا قبلتم التشاور مع النهضة بعد ذلك السيل من التهم الموجهة الى رئيس حزبكم؟
التهم الموجهة لا تعني إلا أصحابها وكنا طالبنا في عديد المرات باحترام الاحكام القضائية خاصة وان حكما صادرا عن محكمة التعقيب اشار الى ان ايقاف السيد نبيل القروي يعتبر خطأ اجرائيا وتعسفا على حقوق المعني بالأمر.
اما من الناحية السياسية فقد كنا طالبنا في عديد المرات ان ترتقي الطبقة السياسية وأن تحسّن من ادائها وان تتجنب عمليات التشويه في غياب اثباتات مع الاشارة الى ان شبهات تحوم حول العديد من السياسيين.
أما في ما يتعلق بالتشاور مع حركة النهضة فإن موقفنا المبدئي هو التعاطي مع كل الاحزاب الممثلة في مجلس نواب الشعب باعتبار انها تمثل صوت الناخبين وان قلب تونس لا يعتمد سياسة الاقصاء وهذا لا يؤثر على موقفنا الفكري والسياسي من الاحزاب المعنية ونحن في حزب قلب تونس نفرق جيدا بين الخلافات السياسية وعمليات الاقصاء التي تزيد في تعميق الازمة.
لكن النهضة ضمنت رئاسة البرلمان وبالمقابل قد يجد «قلب تونس» نفسه خارج تركيبة الحكومة؟
لا بد من التوضيح اننا كنا طلبنا من حركة النهضة منذ البداية احترام تلازم المسارين (البرلماني والحكومي) كي نضمن حدا أدنى من الملاءمة بين مجلس نواب الشعب والحكومة لكن اصرار النهضة على فصل المسارين كان واقعا وهذا نعتبره خطأ منها وقد تعاطينا مع توزيع المسؤوليات بالبرلمان بكل مسؤولية ودفاعا على حقنا في التواجد على مستوى رئاسة مجلس نواب الشعب.
وعلينا كذلك الاشارة الى ان عملية التنسيق تلك لا ترتقي الى تحالف سياسي وليس أدل على ذلك ان تصويت كتلة قلب تونس في ما يتعلق بالنائب الثاني لرئيس البرلمان كان مختلفا تماما عن خيار النهضة.
ألا تخشون ان يكون لذلك انعكاس على صورة الحزب وقد يحصل له ما حصل للنداء؟
قلب تونس مختلف في تركيبته وفي مرجعيته وفي طريقة تعاطيه مع الاوضاع عن حزب نداء تونس فالهدف الاساسي لـ قلب تونس هو تحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين بمختلف انتماءاتهم وكل مجهودات قلب تونس مسخرة لهذه الغايات . ومع اننا نتفهم ردود افعال بعض المواطنين من مناصري قلب تونس او غيرهم فإننا نؤكد ان تواجدنا على مستوى رئاسة البرلمان يسمح لنا ـ بالاضافة الى جانب تواجدنا بمؤسسات الدولة ـ بخدمة مصالح المواطنين وذلك أفضل من عدم تواجدنا على مستوى رئاسة مجلس نواب الشعب.
لكن هناك تداعيات لا يمكن اغفالها متصلة بفصل المسار البرلماني عن المسار الحكومي؟
هذا ما نبهنا اليه منذ البداية في ما يخص النتائج السلبية الممكنة للفصل بين المسارات فمن الواضح خاصة تشتت المقاعد بين الكتل البرلمانية بما قد يفرض اختلافات على مستوى مجلس نواب الشعب لا تتلاءم مع المقترحات المقدمة للحكومة وهو ما من شأنه اعاقة مسار الاصلاح في تونس.
كشفت عملية انتخاب رئيس البرلمان ومساعديه عن وجود تباين في التوازنات قد لا تضمن اغلبية مريحة مستقبلا فكيف تنظر لهذه الوضعية والبرلمان امامه رهانات عديدة؟
تشتت المقاعد بالبرلمان وتركيبته الحالية تطرح على الجميع تحديات عديدة وهذا لا ينفي ان هناك نقاط التقاء بين الكتل البرلمانية في بعض المواضيع وهناك اختلافات في مواضيع اخرى وقد بينت عملية التصويت لانتخاب رئاسة البرلمان هذه التعقيدات.
من ناحية اخرى نشير الى ان حزب قلب تونس اجرى مشاورات مع بعض الاحزاب ونحن في مشاورات مع كتلة “الاصلاح الوطني” لمزيد تنسيق المواقف ولكن من الواضح ان ارضية التقارب بين الكتل البرلمانية مسألة معقدة وتطرح العديد من التحديات ولذا من الضروري ان تكون لرئيس الحكومة المكلف رؤية واضحة وخطة عمل دقيقة يمكن على اساسها تشكيل ائتلاف حكومي وفي غياب ذلك من المحتمل ان نشهد عدم استقرار للعمل البرلماني والحكومي في المراحل القادمة.
هل يمكن ان تفرز مشاورات تشكيل الحكومة معارضة واسعة؟
هذا ممكن جدا خاصة مع تباين الاراء والمواقف وتشعب المصالح وتشتت الكتل ومن المحتمل جدا ان نرى لأول مرة في تونس كتلة معارضة بعدد مقاعد مرتفع وهذا لا يمثل إخلالا للعملية الديمقراطية بل على العكس هو يمثل حالة ديمقراطية صحية خاصة وان المراحل السابقة اقتصر دور المعارضة فيها على تدخلات خلال الجلسات العامة ويمكن ان يكون هذا الوضع مستقبلا داعما للديمقراطية ولكن في نفس الوقت هناك صعوبات تعيشها البلاد تتطلب ضرورة القيام بإصلاحات جوهرية تستوجب في عديد الحالات توفر أغلبية برلمانية قد تصل الى الثلثين خاصة في ما يتعلق بالهيئات الدستورية وأولها المحكمة الدستورية. وفي النهاية المسؤولية ملقاة على عاتق كل الكتل البرلمانية لإيجاد التوافقات يمكن ان تسمح للحكومة بأداء أفضل في حالة تشكلها من قبل رئيس الحكومة المكلف حاليا أو من قبل الشخصية التي سيختارها رئيس الجمهورية في حال فشل رئيس الحكومة المكلف في مهمته بتشكيل الحكومة.