هل تفرض أولوية تشكيل الحكومة تأجيل المؤتمر القادم لحركة النهضة؟
البيان أونلاين-لطفي الماكني: هل بإمكان قيادة النهضة التحكم في التجاذبات الحاصلة داخلها؟ وهي تجاذبات يرى عدد من المتابعين أنها دخلت دائرة الصراع على التموقع لمرحلة ما بعد الغنوشي إذا ما تم الإقرار نهائيا بعقد المؤتمر الحادي عشر في مطلع السنة الجديدة كما أعلن عنه سابقا.
هذا التموقع يعتبر أولوية بالنسبة لعدد من قيادات الحركة لاعتبارات عديدة أولها أن واقع النهضة ومستقبلها باتا يحتاجان الى مراجعات ضرورية حتى تواكب الحركة التطورات داخلها وداخل المشهد السياسي للبلاد.
وينتظر المتابعون الإعلان من قبل قيادة النهضة عن موعد المؤتمر القادم وهم في ذات الوقت يلاحظون انشغالهم بمشاورات تشكيل الحكومة التي أخذت كل الوقت والجهد لأنها تمثل رهان يعتبر الفشل فيه غير مسموح به خاصة بالنسبة للقيادات المحسوبة على الغنوشي حتى تبرهن على حسن اختيارها للشخصية التي تم تكليفها بالرغم من الانتقادات التي وجهت الى من اختارها مقارنة بأسماء أخرى كان يستحسن من مجلس الشورى أن يذهب باتجاهها.
واعتبرت القيادات التي تعارض رئيس الحركة أن المسار المتبع في المشاورات أدخل النهضة في مسالك هي في غنى عنها خاصة في علاقة بعديد الأحزاب المحسوبة على التيار الثوري والتي ترى أغلبية قواعد الحركة أنها امتداد طبيعي لمطالب الثورة واستحقاقاتها ولا حاجة للذهاب الى أطراف أخرى لا تلتقي معها فقط بغرض توفير العدد المطلوب من النواب عند طلب ثقة البرلمان.
وقد زاد من ارتفاع منسوب التجاذبات الاستقالة المعلنة من قبل زياد العذاري وهي وازنة بالرغم من محاولة البعض التقليل من تداعياتها نظرا لمكانته كصورة لواجهة الحركة المدنية في الداخل والخارج بحكم تكوينه وتجربته الحكومية وكيفية تعاطيه مع مختلف الأطراف، إضافة الى الدعم الذي يحظى به من الغنوشي، كل ذلك بيّـن أن مسار تشكيل الحكومة رهان لا يقبل التفريط أو السقوط في مضماره لأن ذلك يعني انتكاسة لخيارات راهن عليها الشق المحسوب على داعمي منظومة الحكم وهو ما يقلل من حظوظها في الاستحقاقات القادمة وأولها مؤتمر الحركة الذي سيكون محطة فارقة في مسيرة النهضة إذا ما تم إقرار موعده النهائي.
فرضية التريث في الذهاب الى المؤتمر
ولا يستبعد المتابعون أن يتم التريث بعض الوقت في الذهاب الى هذا المؤتمر وقيادة الحركة لا تخفى عنها الأجواء المشحونة بينها والتي تنقلت الى مستوى الهياكل الوسطى والقاعدية وما لذلك من انعكاسات سلبية على حركة عرفت بتماسكها وانضباطها وتغليبها مصلحة ديمومتها واستمرارها وهي التي عرفت بتجارب قد تكون أكثر خطورة على كينونتها على مدى العقود الماضية.
لكن يتساءل المتابعون في ذات الوقت عن مدى الترابط في تلك القناعة لدى الجميع لأن مرحلة السرية والمنع لا تشبه في أي تفصيل مرحلة الحكم والسلطة، إنه انتقال من النقيض الى النقيض ذلك أن للسلطة إكراهات مغايرة ورؤى مغايرة وكذلك أخطاء وخيارات تفرّق أكثر مما تجمع وهذا ما يظهر اليوم في العلاقة بين قيادات الحركة حتى وإن قالت كلاما مغايرا مع عدسات الكاميرا وفي المنابر الإعلامية إلا أن بعض الانفلاتات في إبداء المواقف غير التي يراها رئيس الحركة لم تعد خافية بل هي مرتبطة بأسماء من الصفّ الأول للحركة لا تتردد في الإفصاح عنها.
والمتأكد لدى المتابعين أن الظرفية الحالية قد تفرض على قيادة النهضة التركيز الكامل على إتمام مسار المشاورات لتشكيل الحكومة وضمان حزام يدعمها داخل مجلس نواب الشعب ومرافقتها في أيامها الأولى لتثبيت توازنها وبالتالي عدم التسرع في عقد المؤتمر الحادي عشر الذي يتطلب تفرغا كاملا من القيادة المنشغلة كما ذكرنا بالمسار الحكومي وكذلك المسار البرلماني الذي يترأسه رئيس حركة النهضة إضافة الى ضرورة التأكد ـ وهذا الأهم ـ من وضع كل الترتيبات للحسم في عديد المسائل وأولها قيادة الحركة أي هل سيكون هناك التزام بعدم التمديد للغنوشي بأي صيغة كانت بعد أن تم تحديد رئاسة الحركة بمدتين تم استنفادهما أم سيتم التحجج باعتبارات ضمان تماسك الحركة وتجنيبها التصدع والانقسام وبالتالي يظل الوضع على ما هو عليه وما قد يترتب عنه من ردود أفعال من القيادات الرافضة لذلك.
إذن سينتظر الجميع الانتهاء من المسار الحكومي ليتبين لهم كيف سيتجه مسار الاستعدادات لعقد المؤتمر القادم لحركة النهضة؟