- “ما يجرى من مشاورات لتشكيل الحكومة هو ” حوار طرشان “وجسّ نبض”
البيان أونلاين-لطفي الماكني: أكد مصطفى بن أحمد النائب والقيادي بحزب “تحيا تونس” انه تم إبلاغ “حركة النهضة” بموقف المجلس الوطني بعدم المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة وبالتالي فإن الحزب اختار صف المعارضة.
كما توقف في الحوار عند أسباب هذا القرار وما سيترتب عنه في علاقة الحزب بمختلف الفاعلين في المشهد العام اضافة الى موقفه مما يجري داخل “تحيا تونس” بعد ما تحصل عليه من نتائج في الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكذلك موقع كتلة الحزب داخل البرلمان والتحالفات المرتقبة وفق رؤية وتصور “تحيا تونس” لعديد الملفات المطروحة.
- عدد من المتابعين يرون موقفكم من المشاركة في الحكومة غير واضح؟
الجميع يعلم أننا عقدنا مجلسنا الوطني والذي أصدر قرارا بكوننا غير معنيين بالمشاركة في الحكومة المزمع تشكيلها وقد أوكل المجلس الوطني لرئيس الحزب وقيادته متابعة الوضع. ويجب التأكيد هنا ان ذلك لا يعني أننا سنقطع جسور الحوار والتشاور انطلاقا من مرجعيتنا الحزبية وقرار مؤسساتنا داخل “تحيا تونس”.
- لكن هناك حديث عن وجود لقاءات لحركة “النهضة” ببعض قيادات “تحيا تونس”؟
هنا يجب التأكيد ان قيادة حزب “تحيا تونس” عقدت لقاء رسميا وحيدا مع حركة “النهضة” وبدعوة من هذه الاخيرة وقد تم خلال هذا اللقاء ابراز وجهة نظر للطرفين في علاقة بمشاورات تشكيل الحكومة وقدمت قيادة “تحيا تونس” الموقف الذي قرره المجلس الوطني في اجتماعه الاخير والذي أشرت اليه سابقا وبالتالي فإن اي لقاءات اخرى ليست لها اي أهمية.
- حتى تلك التي تم التداول بشأنها من سعي بعض القيادات للالتقاء بقيادات “النهضة”؟
هذا نوع من التنجيم ونحن نتحدث عن السياسة وليس عن الافراد اي ان مواقف الاحزاب مرتبطة بما تقرره هياكلها الممثلة لها وليس ما يأتيه بعض الافراد وهذا لا يلزم الحزب في شيء.
- إذن أنتم اخترتم المعارضة؟
مبدئيا أمر طبيعي وعادي اذ ـ تأسيسا على ما أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية ـ فإن موقعنا هو في صف المعارضة.
- أين سيكون موقعكم داخل المعارضة؟ ومع من ستتحالفون؟
هذا الأمر موكول الى التقاطعات والتحالفات دائما ما تكون مرتبطة بعديد المسائل من ذلك وجود اختلافات عميقة مع أطراف اخرى قد تكون في المعارضة وهذا يمنع التحالف معها إلا ان ذلك لا يمنع وجود تقاطعات معها في بعض الملفات المطروحة مثل مكافحة الفساد والحرب على الارهاب والدفاع عن الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
- من هي هذه الاطراف التي لمحت إليها؟
لا يمكن تحديدها في مثل هذا التوقيت لأنه علينا انتظار توضح صورة المشهد العام حتى نختار مع من سنتقاطع في الملفات التي ذكرتها سابقا.
- لماذا هذه الجفوة مع حركة “النهضة” بعد ان تحالفتم سابقا معها؟
لا معنى هنا للحديث عن جفوة او ودّ بل هي قضية برامج وأهداف فـ “النهضة” تمثل خطأ معينا ورؤية خاصة داخل المجتمع التونسي وما حصل سابقا من تقاطع معها كان في إطار البحث عن الاستقرار الحكومي لكن ذلك لم يؤدّ الى تغيير رؤيتنا أو هي غيرت من رؤيتها وهذا هو الأصل.
اليوم تغيرت الأوضاع ولدينا منطلقاتنا ورؤيتنا ولـ”النهضة” منطلقاتها ورؤيتها مع التأكيد ان القضايا السياسية لا تعالج من زاوية العاطفة بل تعالج من زاوية المبادئ والمواقف والمصلحة الوطنية.
- لكن هناك من يقول ان التقاءكم مع “النهضة” لن يطول وأن ما يحصل حاليا هو مقدمات لذلك؟
مثل هذا القول هو ضرب من ضروب التنجيم والسياسة تخضع للمعطيات والواقع وليس حسب التخمينات والقراءة في النوايا وبالتالي فالمشهد الحالي يفضي الى المواقف والتي أشرت اليها سابقا.
- ما رأيكم في البرنامج الذي قدمته حركة “النهضة” على أساس انه سيجمع مختلف الأطراف المتحالفة في الحكومة القادمة؟
مازالت لم أطلع عليه.
- لكن هذا لا يمنع ان لكم رؤية في ما يطرح حاليا بخصوص تركيبة الحكومة؟
سيكون لنا اجتماع داخل هياكل الحزب وسنقدم تصوراتنا ودورنا في المرحلة القادمة وهذا لا يمكن تحديده بالارتجال بل الامر يتطلب تحليلا عميقا للواقع والآليات التي يمكن اعتمادها في ذلك.
- وكيف تقيمون ما يجري من مشاورات لتشكيل الحكومة؟
ما يجري الى حد الآن هو حوار الطرشان لان هناك استباقا وجسّا للنبض بحسب المصطلح الرياضي وحسب نظري فان المسائل الرسمية المتصلة بمسار تشكيل الحكومة تبدأ عندما تكشف حركة “النهضة” عمّن سيترأس الحكومة حينها فقط يمكن الحديث عن انطلاق المشاورات الحقيقية وبالتالي فان الحاصل حاليا هو بقاء النقاشات في دائرة العموميات وهذا يزيد من تعميق الهوة بين الاطراف المعنية بالمشاورات وذلك لا يساعد على حوار جدي وهادف.
- ما ذكرته لا ينفي سلسلة المشاورات الحاصلة بما فيها تلك التي جرت مع رئيس الجمهورية ما تفسيرك لها؟
كلها تبقى مشاورات غير رسمية لأنها لا يمكن ان تدخل تحت طائلة الفصل 89 من الدستور اي بعد ان تفشل “النهضة” في المشاورات الرسمية منذ تكليفها بذلك من قبل رئيس الجمهورية وهذا لم يحصل حاليا وبالتالي هذه المشاورات غير رسمية.
- هناك عدد من الملاحظين يرون ان نتائج “تحيا تونس” في الانتخابات الاخيرة تعود الى تأخر إعلان “الشاهد” لرئاسته للحزب وكذلك الأمر بالنسبة لترشحه للانتخابات الرئاسية فبمَ ترد على ذلك؟
مثل هذه القراءات تبقى سطحية لأن “تحيا تونس” تعرض إلى حملة تشويه واسعة النطاق وقصف اعلامي غير مسبوق خاصة من لوبيات الفساد وهذا في حد ذاته يمكن ان يكون سببا في نتائجه تلك اضافة الى نقاط ضعف اخرى في سياسة الحزب خاصة الاتصالية منها ونحن غير راضين عنها لكن برغم كل ذلك فان ما حصل يعتبر الى حد ما منطقيا نظرا لحداثة تكوين الحزب وكذلك ما حصل لمحيطه ونعني هنا نتائج الأحزاب التقدمية الحداثية وبالتالي نحن الحزب الوحيد من تلك العائلة الفكرية والسياسية الذي كان ضرره أقل مقارنة ببقية أحزاب هذه العائلة.
- هل قيمتم مشاركتكم في الانتخابات داخل هياكل الحزب؟
مازلنا لم نقم بذلك على المستوى المركزي وينتظر ان نقوم بأيام تقييمية بعد استكمال المسار الانتخابي.
- هل بمقدور “تحيا تونس” أن يقود العائلة التقدمية والحداثية وهو ما كان منتظرا منه قبل الانتخابات؟
لا بد من الاقرار ان هناك عوائق كثيرة داخلية وخارجية لم تمكّن “تحيا تونس” من لعب دوره لأن هناك تشويشا حصل اضافة الى استهداف مجاني من قبل مجموعات ولوبيات سياسية مالية وإعلامية استخدمت فيها وسائل التشويه التي انعكست سلبا على صورة الحزب هذا اضافة الى التقييمات الخاطئة لبعض الأحزاب الصديقة مثل “البديل” و”المشروع و”آفاق”.
- هل يمكن الالتقاء مجددا بعد هذه التجربة؟
لا بد من أن يعي الجميع ان الهدف المركزي يبقى توحيد العائلة الديمقراطية التقدمية لان كل الطرق تؤدي الى الوحدة وهذا لن يكون إلا بتجاوز عقلية “الدكاكين” و”المقاولات” وبالتالي التركيز على الهدف الاساسي وهو تحقيق الوحدة الشاملة.
- وهل باستطاعة “تحيا تونس” ان يكون قاطرة هذه الوحدة؟
يجب الاقرار بأن عقلية “القاطرة” أضرتنا كثيرا وعلى الجميع التواضع والعمل من نفس المستوى والتركيز كما ذكرت سابقا على الهدف ذاته من قبل الجميع وهنا يمكن ان يكون “تحيا تونس” هو صاحب المبادرة لما له من تواجد ومحترما داخل البرلمان مقارنة بعدد نواب بقية أحزاب العائلة الفكرية والسياسية التي ينتمي اليها.
- لكن ما يجري داخل الحزب حاليا فيه اقرار بأن مرحلة التأسيس كانت متسرعة؟
الظروف الموضوعية أعطت ذلك وهي من الماضي لكن وبعد امتحان الانتخابات ـ وهو امتحان عسير ـ فتحت لنا الابواب للتقييم لأنه في السياسة والتاريخ لا وجود للافتراض بل يجب التعاطي مع الواقع من أننا اليوم نمثل حزبا له 14 نائبا داخل مجلس نواب الشعب وعلينا الانطلاق من هذا المعطى المبني على حقيقة. اما بخصوص ما يحصل حاليا داخليا في علاقة بمن خرج عن صف الحزب فهذا معمول به في جميع الأحزاب وهو امر طبيعي لكل من يساند قائمات مضادة لقائماتنا التي ترشحنا بها.
- ألا يُخشى ان يكون لذلك تأثير على استقرار الحزب؟
يجب على الجميع احترام القانون الداخلي للحزب ومعاملة الجميع على نفس المستوى.
- هناك من يربط بين ما يجري داخل “تحيا تونس” والصراعات على النفوذ داخله؟
علينا الاقرار ان الصراعات والنقاشات هي امر طبيعي داخل الاحزاب وفي غياب النقاشات والاختلافات تموت تلك الاحزاب بل ان مثل تلك النقاشات تعطي ديناميكية للأحزاب على اساس أن تكون هادفة للتقدم بالحزب وتطويره نحو الأفضل.
- هل تعتقد ان البرلمان الجديد قادر على القيام بمهامه في ظل التشتت الذي أفرزته الانتخابات الاخيرة؟
أتوقع ان العملية ستكون أصعب مقارنة بدور البرلمان السابق بسبب التشتت الحاصل ولا بد من التوصل لإيجاد صيغة للعمل المنظم الهادف حتى لا يكون البرلمان ساحة للجدل البيزنطي ويفهم الجميع انه ومهما كانت اختلافاتنا فإننا على نفس المركب ومن مسؤولية الجميع قيادة سفينة تونس الى شاطئ السلام.
- وهل لديكم رؤية لتجسيمها في علاقة بما أشرت اليه؟
ما أشرت اليه هو رؤية بصفة عامة لأننا لا نعلم الى حد الان كيف تسير المسائل في مثل هذا التشرذم والوضع المعقد الذي عليه المشهد العام بالبلاد.