وفد الاتحاد يزور معرض قطر الزراعي والبيئي الدولي 2021
جلسة عمل مع السيد فريد بلحاج رئيس البنك العالمي
وفد من الاتحاد في قطر بالتوازي مع زيارة السيد علي الكعلي
الاتحاد يشيد بإطلاق أول قمر صناعي تونسي
الغرفة الوطنية لصانعي ومحولي البلاستيك: تكريم المرحوم فيصل البرادعي وإعادة توزيع المهام

قضاة يتحدّثون عن واقع قطاعهم وعن انتظاراتهم وآمالهم

2019-11-11 14:34:46
عدد المشاهدات: 315

البيان أونلاين-هناء بن ابراهيم: مع انتهاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وأداء رئيس الجمهورية اليمين الدستورية، وانطلاقه في أداء مهامه في قصر قرطاج، وفي انتظار انطلاق عمل البرلمان الجديد، وتشكيل الحكومة بإمكاننا أن نحلم.. ببداية تغيير حقيقي، على عديد المستويات من بينها القضاء..  فماذا يريد القضاة لقطاعهم؟.. وماذا يريدون –أيضا- من قطاعهم؟.. وكيف يرون مستقبله.. ودوره في المرحلة القادمة؟..

“البيان أونلاين”رصدت آراء ومواقف أهل الاختصاص وكان لنا حديث مع رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي ورئيس اتحاد القضاة الإداريين وليد الهلالي هذا فضلا عن القاضية السابقة كلثوم كنو.

أكد رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي انه وعقب نجاح تونس في الاستحقاق الانتخابي التشريعي والرئاسي فإن هناك عديد الطموحات لكل أفراد الشعب وخاصة لعموم الذين صوّتوا للرئيس المنتخب قيس سعيد، خاصة بعدما صرح به من وعود ايجابية بالنسبة للقضاء الذي اعتبره ركيزة من ركائز الدولة وإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي ولخص ذلك في قولته المشهورة “القضاء المستقل خير من ألف دستور”.

كل هذا وغيره يجعل القضاة يطمحون إلى نظرة جديدة للقضاء.. ولموقعه ودوره الحاسم، أولا في استكمال المؤسسات القضائية والبناء القانوني للسلطة القضائية طبق المبادئ الواردة بالدستور وطبق المعايير الدولية، لكي نتفادى هفوات وأخطاء الماضي، خاصة وانه لا يخفى على احد انه وخلال الفترة النيابية السابقة لم يتم تركيز عديد المؤسسات القضائية أساسا المحكمة الدستورية بل لم يتم إعادة تنظيم القضاء وفق الرؤية الدستورية وخاصة القضاء العدلي والإداري…

وأضاف “الحامدي” أن المدة النيابية السابقة  سجلت فيها عديد الأزمات وبينت أهمية وجود المحكمة الدستورية، وكشفت لا محالة فداحة إخلال المؤسسات القائمة في تركيز المحكمة الدستورية بالأجل الدستوري المنصوص عليه بالأحكام الانتقالية للدستور، والذي فرض تركيزها في اجل أقصاه عام من تاريخ الانتخابات التشريعية، وهو ما نجمت عنه عديد الأزمات على غرار الأزمة التي حصلت بين رأسي السلطة التنفيذية أي الحكومة ورئاسة الجمهورية سواء في فترة حكومة الحبيب الصيد او يوسف الشاهد، كذلك مسألة وجود مرشح للانتخابات الرئاسية في السجن والفرضيات الممكنة قانونيا ودستوريا في حال فوزه بالرئاسة وكان ذلك مأزقا حقيقيا خلق جدلا منقطع النظير وطنيا وحتى دوليا.

وأشار محدثنا إلى أن المرحلة المقبلة يأمل فيها القضاة الإسراع بإدخال الإصلاحات الضرورية على السلطة القضائية، وإعادة تنظيمها بما يتلاءم مع طبيعتها الجديدة المنصوص عليها بالدستور كسلطة مستقلة، تنصيص يفترض إعادة تنظيم القضاء العدلي والاداري والمالي وهو ما لم يتم في المدة النيابية السابقة، وتم فقط الاكتفاء بتنظيم القضاء المالي من خلال المصادقة على القانون الأساسي المتعلق بمحكمة المحاسبات في حين ظل وضع القضاء العدلي والقضاء الإداري على نفس الحال التي كان عليها قبل الثورة، ولذا بات من باب أولى خلال المرحلة المقبلة لفت النظر الى القوانين التي تنتظر المصادقة عليها وتنفيذ ذلك على ارض الواقع خلال الفترة النيابية الحالية، والتي ستكون محط أنظار جميع القضاة وجميع المنظمات الحقوقية والوطنية والدولية، وكذلك كل المتداخلين في الشأن القضائي وعموم المواطنين، وهذه القوانين هي القانون الأساسي للقضاة والقانون الأساسي للتفقدية العامة للشؤون القضائية.. كما بات حريا تفعيل الاستقلال الإداري والمالي للمحاكم من خلال إعادة تنظيم كل من القضاء العدلي والإداري…

وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين انه يجب ان تكون هذه القوانين مطابقة للمعايير الدولية وفي أعلى درجات الاستقلالية نحو تمشّ ايجابي بخصوص المبادرات التشريعية وتغييرا جوهريا سواء على مستوى المؤسسات القائمة على السلطة القضائية والممثلة لها أو كذلك على مستوى الأداء الفردي للقضاة على اعتبار وان أداء مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء خلال الفترة السابقة كان مشوبا بعديد النقائص والاخلالات سواء على مستوى تمثيل السلطة القضائية والدفاع عنها وممارسة الصلاحيات الراجعة لها بالنظر أو على مستوى التعاطي مع الحركة القضائية.

وبالنسبة للقضاة انفسهم يجب عليهم العمل على إشاعة ثقافة استقلالية القضاء والنأي به عن التوظيف السياسي وعلى كل قاض تحمل مسؤوليته في تطبيق القانون على قدم المساواة والمحاكمة العادلة بغض النظر عن الصفة والانتماءات والصفات والموقع الاجتماعي.. وبقطع النظر عن جميع قوى الضغط…

مراجعة كاملة للمنظومة

من جانبه أكد رئيس اتحاد القضاة الإداريين وليد الهلالي أن مطالب القضاة الحالية هي نفس المطالب التي رفعها القضاة منذ صدور دستور 2014، ويمكن تلخيصها في ضرورة تنزيل أحكام الدستور على مستوى القانون سواء تعلّق الأمر بتنقيح القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات لتكون متناغمة مع ما جاء بالدستور في هذا الخصوص، على غرار مجلة الإجراءات الجزائية مثلا، أو إصدار قوانين جديدة تكرّس مضمون الدستور ومن أهمّها ضرورة إصدار مجلة للقضاء الإداري. وفي هذا الإطار وجب التذكير أن الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية لم تكرّس ما جاء به الدستور في باب السلطة القضائية سوى إصدار قانون يتيم يتعلّق بالمجلس الأعلى للقضاء يضاف إليه مؤخّرا القانون المتعلق بمحكمة المحاسبات. في المقابل بقيت النصوص القديمة على حالها غير مواكبة للتطور الملحوظ الذي ورد بالدستور، كما لم تر القوانين الأساسية للقضاة النور بعد وكذلك الشأن بالنسبة للتفقدية العامة للشؤون القضائية وأيضا مشروع مجلة القضاء الإداري لا تزال قيد الدرس رغم مرور قرابة 6 سنوات منذ المصادقة على الدستور. وبالتالي يُطرح السؤال حول مدى وجود إرادة حقيقية لبناء سلطة قضائية قوية غير مكبّلة بالنصوص البالية وتتمتّع بموارد بشرية هامة وبآليات لوجيستية تمكنها من النهوض بمردودها على أحسن وجه.

من جهة أخرى، أكد محدثنا أنه يجب مراجعة كامل المنظومة القانونية التي تقوم عليها السلطة القضائية بدءا من برامج الدراسة بالجامعة مرورا إلى مرحلة التكوين والتأطير القضائي وانتهاء بضرورة توفير الظروف المادية واللوجستية اللازمة لمساعدة القاضي على العمل بكل استقلالية وبعيدا عن كل التجاذبات مهما كان نوعها، ويضاف إلى ذلك مسألة على غاية من الأهمية وتتمثّل في ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية فلا معنى للحديث عن استقلالية السلطة القضائية وأحكامها لا تنفّذ من طرف السلطة التنفيذية.

إصلاح ذاتي ونقد بنّاء

القاضية السابقة كلثوم كنّو أكدت في حديثها لـ”البيان أونلاين” أنه إذا آمنّا بما جاء به الدستور التونسي من أن القضاء سلطة فإن إرساء مقومات السلطة لا بد أن تصبح  مطلب  كل المواطنين والمواطنات ولا يبقى ذلك شأنا مقتصرا على القضاة.

ولذلك فأن ما يطلبه القضاة من توفير ضمانات استقلاليته هو ليس امتيازات لهم بل هو ضمانة للمتقاضي للحصول على حكم عادل.

وأضافت كنّو أنه منذ عشرات السنين خاض القضاة عدة معارك من أجل توفير ضمانات استقلاليتهم  ومنها أساسا رفع يد السلطة التنفيذية عن القضاء من خلال تدخل وزير العدل  في تسمية القضاة وترتيبهم ونقلتهم وكذلك  تدخله في عمل النيابة العمومية. وقد  أتت هذه النضالات  أكلها الا انها لازلت منقوصة وغير كافية، خاصة  لبقاء النيابة العمومية خاضعة لسلطة وزير العدل وكذلك الشأن بالنسبة للتفقدية العامة. وهذا ما يفسر  تشبث  أغلب الأحزاب السياسية  بأن يكون وزير العدل من أبنائها أو من المقربين اليها.

وأشارت كنّو أن النيابة العمومية  في نظر عموم الناس والى حد اليوم هي شبه جهاز  تابع للسلطة التنفيذية يطغى عليها طابع التسييس .

مضيفة أنه رغم هذه النقائص إلا أنه بفضل نضال القضاة من خلال جمعيتهم  فقد حصلت  عدة إيجابيات آخرها  إقرار إحداث صندوق  دعم جودة العدالة، إلا انه يجب العمل أكثر  من أجل تحسين ظروف عمل القضاء وكتبة المحاكم  التي لم تعد  ملائمة  لمتطلبات العمل القضائي وحجم القضايا وتنوعها.

استقلالية..

وأكدت كلثوم كنّو أنه إذا كانت ظروف العمل ونقص الوسائل  تشكل عائقا أمام  القضاة  للقيام  بواجباتهم فإن الضغط المعنوي الذي يمارس على العديد منهم يؤثر بالضرورة على استقلاليتهم، وهذا الضغط  نشهده  يمارس في عديد المناسبات إما عن طريق رسائل التهديد أو الاحتجاجات  داخل أروقة المحاكم  أو عن طريق  وسائل الإعلام.

ولتفادي هذا الضغط المعنوي وحتى لا يبقى القضاة أيضا فوق المساءلة لابد من وضع آلية شفافة تضمن مراقبة حسن احترام القضاة للقوانين دون أن يمس ذلك من حقهم في الاجتهاد، حسب تأكيد محدّثتنا، مشيرة إلى أن الإصلاح لا يكون إداريا فقط بل يتحقق بعد النقد الذاتي ومراجعة أخطاء الماضي، وهذا يشترط في القضاة النزاهة والاستقلالية والحياد. ولكي يدفعوا عنهم كل الشبهات التي تمس بهذه الشروط  لابد أن يتسلح  القضاة  بالمعرفة القانونية وأن يرسموا لأنفسهم ضوابط  ويضعوا آليات رقابية داخلية كأن  يقبلوا بنشر – بصفة بدورية – بعض الشكايات وأنواعها المقدمة للتفقدية العامة من المتقاضين ضد القضاة دون ذكر الأسماء  بطبيعة الحال  وذلك تكريسا لمبدإ الشفافية.

وأضافت كنّو أنه يتعين أيضا على القضاة الابتعاد عن الفئوية  وعدم اعتماد مقولة  “أنصر أخاك  ظالما أو مظلوما” والتصدي لكل قاض يسيء  لسمعة القضاء سواء بعدم نزاهته أو عدم استقلاليته أو عدم حياده،  وفي مقابل ذلك يجب أن يجد القضاة فيما بينهم «النصرة» عندما يتعرض أحدهم إلى مظلمة. ولكي لا يتهم بعدم الاستقلالية  لابد على القاضي تطبيق القانون على الجميع دون تمييز وعدم الخضوع إلى أية ضغوطات ولا اغراءات، وأن لا يخشى ما سيقول عنه طالما أنه واثق ومقتنع بالحكم الذي أصدره أو القرار الذي اتخذه.

 

 

 

 

المشاركة في هذا المقال
مقالات أخرى