الإعلان عن كتلة “الإصلاح الوطني” خطوة استباقية لخلق توازنات جديدة؟
البيان أونلاين-لطفي الماكني: تتسارع استعدادات الأحزاب لانطلاق المدة النيابية المنتظرة في الأيام القادمة بعد الاعلان عن النتائج النهائية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ولم تقتصر هذه الاستعدادات على الأحزاب الحائزة على عدد هام من المقاعد (علما أنها منشغلة حاليا بتشكيل الحكومة) بل شمل كذلك الأحزاب التي سيقتصر حضورها على مقاعد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وتأتي ضمن هذا الاطار مبادرة الاعلان المنتظر غدا الثلاثاء عن تشكيل كتلة “الاصلاح الوطني” والتي ستضم 15 نائبا يمثلون عدة أحزاب أغلبها من العائلة الوسطية والتقدمية إضافة الى المستقلين.
ضريبة التشتت في الانتخابات
ويعتبر المتابعون أن نواب هذه الكتلة ينتمون الى أحزاب كانت نتائجها في الانتخابات التشريعية دون آمالهم وطموحاتهم في الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان بل جاءت نتائج الصندوق “صادمة” للقيادات والقواعد ذلك أن هذه الأحزاب كانت فائزة في انتخابات 2014 ومارست الحكم ونعني “النداء” و”آفاق” و”المشروع” إضافة الى “حزب البديل” (الذي تأسس بعد تلك الانتخابات) الا أن ذلك لم يشفع لها في كسب ودّ الناخبين بل تحملت وزر الفشل الحاصل في أداء الحكومات المتتالية.
وقد كان من أخطاء هذه الأحزاب أن دخلت الانتخابات مشتتة لاعتقادها أنه بإمكانها تحقيق الفوز في ظل ما يتداول من انتقادات لم تهدأ لكل من “النهضة” أو “تحيا تونس” الا أن نتائجهما كانت أفضل بكثير مما جنته تلك الأحزاب من مقاعد قليلة داخل البرلمان، وهذا دون أن ننسى اصطفافها خلف عديد المرشحين للرئاسية فشل جميعهم في إدراك الدور الثاني وهو ما انعكس سلبا على صورتها وقلل من مصداقيتها عند طرح برامجها خلال الحملة الانتخابية وبالتالي حملت تبعات الفشل المتكرّر وعدم قدرتها على تجاوزه لأسباب عدة يفترض أن تكون قامت بعملية تقييم داخلها.
خطوة استباقية
ويذهب المتابعون في قراءتهم للمشهد البرلماني في ظل التشتت الحاصل داخله أن مبادرة التجميع من خلال “كتلة الاصلاح الوطني” تحمل عديد الاستنتاجات أولها أن الخيار الوحيد للتموقع لهذه الأحزاب التي كانت وازنة وصاحبة الأغلبية في المدة النيابية الماضية هو التوحد ليكون صوتها مسموعا لأن بقاءها في حالة الشتات سيزيد من تغيبها داخل المشهد السياسي برمته، إذ أن التطورات المرتقبة لا مكان فيها للكيانات الصغيرة، ومن هنا فإن هذه المبادرة تمثل خطوة استباقية لها أوجه متعددة أولها ضرورة الدخول في المدة النيابية الجديدة بأكثر ثقة وخاصة الوضوح في منهجية العمل وكيفية التعاطي مع التوازنات التي ستتّضح أكثر بعد أن يتم الاعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة أي من سيكون في الحكم ومن سيختار المعارضة.
وهي أيضا خطوة استباقية من ناحية ضمّ أكبر عدد من المستقلين الذين أصبحوا هدف غالبية الاحزاب الممثلة في البرلمان لأن تشتت النتائج أفرز حوالي 40 نائبا مستقلا يصبح عددهم وازنا إذا ما تم استقطابهم ضمن الكتل الساعية الى الفوز بأكبر عدد من التمثيلية داخل مكتب مجلس نواب الشعب ولجانه القارة خلال الانتخابات التي ستجرى في الجلسة الافتتاحية للمدة النيابية الجديدة.
تموقع وبحث عن تحالفات
هي خطوة استباقية من جهة التموقع منذ البداية في خارطة التحالفات المتوقعة بناء على صفوف من في الحكم ومن في المعارضة إذ أن هذه الكتلة تسعى الى أن تكون وازنة من خلال مواقفها واقترابها من دوائر الفعل في مسار ما سيتخذ مستقبلا من قرارات أو ما سيطرح من مبادرات تشريعية أو بالعودة مجددا الى الانتخابات واستكمال الهيئات الدستورية وأولها المحكمة الدستورية خاصة وأن أغلبية النواب المشكلين لهذه الكتلة لهم مواقف معلنة من بعض المترشحين لعضوية هذه المحكمة.
كما أنه يبدو وبحسب قراءة المتابعين أن إمكانية ذهاب هذه الكتلة باتجاه تحالف أوسع مع كتل أخرى يبقى أمرا متوقعا خاصة في علاقة بكتلة حزب “تحيا تونس” لاعتبارات عديدة أولها المشاورات التي جرت منذ مدة دون أن تفضي الى موقف نهائي وقد تستأنف في مرحلة لاحقة بعد اتضاح الرؤية بخصوص شكل وتركيبة الحكومة القادمة وهذا دون أن ننسى أن المشاورات بين أحزاب هذه الكتلة وحزب “تحيا تونس” جرت في فترة ما قبل الانتخابات وبالتالي فإنه في حالة إحياء مشاورات لتجميع العائلة التقدمية والديمقراطية – وإن كان البعض يرى ذلك أمرا مازال يحتاج الى التروي وعدم التسرع – إلا أن بوادر ذلك التجميع قد تطغى في النهاية لأنها قد تكون خيارا ضروريا في هذه المرحلة الصعبة التي تحتاج الى التموقع الصلب المبني على الوحدة بعد أن جرب الجميع التشتت ودفعوا ضريبته في الاستحقاق التشريعي وقبله الاستحقاق الرئاسي.