وفد الاتحاد يزور معرض قطر الزراعي والبيئي الدولي 2021
جلسة عمل مع السيد فريد بلحاج رئيس البنك العالمي
وفد من الاتحاد في قطر بالتوازي مع زيارة السيد علي الكعلي
الاتحاد يشيد بإطلاق أول قمر صناعي تونسي
الغرفة الوطنية لصانعي ومحولي البلاستيك: تكريم المرحوم فيصل البرادعي وإعادة توزيع المهام

إصلاحات كبرى وهيكلية للاقتصاد الوطني لم تجرؤ الحكومات المتعاقبة على تطبيقها؟

2019-11-18 16:59:33
عدد المشاهدات: 366

البيان أونلاين-ايمان دجبي: يؤكّد خبراء الاقتصاد في كل مرة حاجة الاقتصاد التونسي الملحة للقيام بإصلاحات هيكلية عميقة للخروج من الازمة الحادة وخلق مناخ اقتصادي يتلاءم ومرحلة الانتقال الديمقراطي.

وقد رفعت حكومة يوسف الشاهد منذ توليها الحكم تحدي الاصلاح الاقتصادي ووضعت برنامجا يقوم على أربعة محاور تتعلق بإصلاح المالية العمومية وإصلاحات دستورية وتنظيمية وإصلاحات اجتماعية وتحسين مناخ الأعمال.

ورغم إعلان الحكومات المتعاقبة تعهدها القيام بجملة من الاصلاحات الاقتصادية لتجنيب البلاد سيناريوهات اقتصادية خطيرة، إلا أن اغلب المحللين للوضع الاقتصادي يؤكدون حاجة الاقتصاد الوطني الى اصلاحات هيكلية وعميقة تتجاوز الحلول الترقيعية مستندين في ذلك الى التقارير السلبية التي تصدرها المؤسسات المالية الدولية او المنظمات الدولية بخصوص الوضع الاقتصادي التونسي.

خلفيات تعطل الاصلاحات…

ولسائل أن يسأل ما الذي  منع أو عطّل تطبيق الاصلاحات الاقتصادية على امتداد الحكومات المتعاقبة على تونس؟ وبأي سياسة ستتعامل الحكومة القادمة مع الارث الاقتصادي المتأزم إلى حدّ ما؟

ولمحاولة الإجابة عن هذه الاسئلة تحدثت “البيان أونلاين” مع بعض خبراء الاقتصاد، حيث أكد الخبير المالي والمحلل الاقتصادي محمد الصادق جبنون أن الاقتصاد التونسي بحاجة ملحّة إلى إصلاحات هيكلية عميقة بل وأكثر.. فهو في حاجة أكيدة إلى نقلة نوعية من اقتصاد قائم على قيمة مضافة ضعيفة ليصبح اقتصادا قائما على القيمة المضافة المرتفعة والتصنيع والتصدير والتكنولوجيا.

وقال جبنون أن ما تم الاعلان عنه على امتداد الحكومات المتعاقبة من إصلاحات لم تكن للأحزاب السياسية دور أو بصمة في وضعها، ولم تكن بموافقة او مشاورة المنظمات الوطنية وخاصة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد العام التونسي للشغل.

وشدّد على أن ضعف نسبة النمو والتوسع في الإنفاق على حساب الانتاج والتصدير والقيمة المضافة، وغياب المشاريع الكبرى، أدّيا إلى الوضعية المتردية التي يعيشها الاقتصاد الوطني اليوم وهو ما يؤثر على الوضع الاجتماعي.

وفسر الخبير المالي تعطل الاصلاحات واستحالة تطبيقها بوجود نظام سياسي لا يعطي الحكومة امكانية تطبيق او تنفيذ أي اصلاح خاصة الاصلاحات الكبرى التي يصعب التوافق بشأنها مع مختلف الفاعلين السياسيين، بما يجعلها اصلاحات مسقطة تحت ضغط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بما لا يتماشى مع الوضع الراهن، والنتيجة دائما رفض آلي لكل محاولات التغيير التي ارتكزت في أغلبها على مزيد الضغط الجبائي على الافراد والمؤسسات، ومزيد تقييد الحريات الاقتصادية على غرار كراس الشروط والبيروقراطية الادارية بما يجعل المؤسسات تختنق تحت وطأة التعقيدات والضغط الجبائي.

أزمة هيكلية عميقة…

كل هذا أدى حسب تقدير الخبير الاقتصادي إلى خلق أزمة هيكلية مستمرة تنتظر سياسة اقتصادية تراهن على الانطلاق او الاقلاع الاقتصادي الحقيقي على غرار ما ذهبت إليه مصر والمغرب ودول الخليج حيث وضعت كل منها رؤية تنموية متوسطة او بعيدة المدى وذهبت نحو تحقيقها.

وأكد الصادق جبنون أن المسألة ليست في تغيير الحكومات بل قي تغيير السياسات حيث ستواجه الحكومة القادمة نفس التحديات والمشاكل وهو ما يتطلب منها وضع الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في صدارة جدول أعمالها، وأن تضع رؤية واستراتيجيا للتنفيذ، وهذا يتطلب بالضرورة توافقا واتفاقا سياسيا قويا وواسعا، يتحمل تكاليف الخروج من الأزمة.

واستشهد الخبير الاقتصادي بالتجربة الألمانية مع حكومة شرودار التي تمكنت من تحويل ألمانيا من رجل مريض سنة 1996 إلى أول قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي ورابع قوة اقتصادية في العالم، ومع ذلك لم يفز في الانتخابات الماضية، إلا أن الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذها كانت قارب نجاة وبداية تحول عرفته ألمانيا، والمطلوب في التجربة التونسية توفر اتفاق سياسي أو دافع سياسي (un catalyseur politique) لضمان تطبيق الإصلاحات وتحقيقها.

اصلاحات دورية…

في سياق متصل، شدد وزير المالية الاسبق حكيم حمودة على أن الاقتصاد الوطني في حاجة دائمة ومستمرة للإصلاحات، وان الإصلاحات الاقتصادية بالنسبة للاقتصاديين والسياسات الاقتصادية مسألة بديهية يومية ودورية، ليست مرتبطة بالضرورة بشروط او املاءات دولية وخارجية، باعتبار ان السياسة الاقتصادية دائما ما تحدد مكامن الخلل وتقوم بالإصلاحات اللازمة.

واعتبر بن حمودة ان الاصلاحات في الحكومة الحالية كانت خطابا للتسويق، ولم تكن ممارسة، وهو ما تسبب في تراكم المؤشرات السلبية، وبلوغ الوضع الاقتصادي ذروة الأزمة، ماعدا بعض الإصلاحات التي فرضتها الحاجة، وكانت الحكومة مجبرة على تنفيذها وهي إصلاح الصناديق الاجتماعية.

ودعا حمودة إلى ضرورة توفر الرؤية والجرأة والشجاعة في الفريق الحكومي لضمان تطبيق الاصلاحات وأن تكون الاولوية بالنسبة للحكومة القادمة اقتصادية من خلال وضع السياسات العامة والسياسات الاقتصادية.

واعتبر الوزير الأسبق أن اصلاح المؤسسات العمومية واصلاح المالية العمومية أوكد الاولويات بالنسبة للحكومة المقبلة قائلا : “لا يمكن أن نواصل بعجز قيمته 12مليار دينار في المالية العمومية”.

استعادة النمو…

من جانبه، دعا محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، الحكومة الى ضرورة تحسين مناخ الأعمال وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية بما يمكن من تركيز المقومات اللازمة لدفع الاستثمار المحلي والأجنبي وضمان استعادة النمو. كما جدّد دعوته إلى البنوك لمواصلة جهودها في تمويل الاقتصاد التونسي في ظل الظرف الاقتصادي الراهن، من خلال توجيه التمويل نحو القطاعات المنتجة ووفق حاجيات الاستغلال للشركات والمؤسسات الصغرى والمتوسطة من أجل تجنب كل ما من شأنه ان يؤثر على استقرار البنك على المدى القصير ويحافظ على النسيج الاقتصادي، وفق بلاغ نشره البنك المركزي الأسبوع الماضي.

المشاركة في هذا المقال
مقالات أخرى